skip to Main Content
الجمعية الشرعية بالمحلة الكبرى
ضروريات المرحلة 2

ضروريات المرحلة 2

أمامنا معارك حاسمة؛ لابد وأن ننتصر فيها، لا لنتقدم؛ بل لنظل علي قيد الحياة، ولابد لمن يخوض هذه المعارك أن يتسلَّح بما يُعينه علي أداء مهمته، وهي الروح المستقاة من ثمانية رموز مُقتبسة من أحاديث نبوية شريفة، واجبنا اليوم أن نجعلها قائدنا في معاركنا التي سنواجهها، هذه الرموز هي:

(التمرة, الفأس, السفينة, الفسيلة, الثغر, حلف الفُضول, الحصن)

1: روح التمرة

وهي التي أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نتبرع ولو بشق منها، فلا يحقرنَّ أحدُنا من المعروف شيئا, مع توسيع دائرة المعروف ليشمل كل أصناف الخدمة المجتمعية،وعدم حصْره في العطاء المادي فقط.

مثلاً:

  • تُعين صانعا أو تصنع لأخْرق وهو الذي لا يُتقن ما يحاول فعله.
  • الأذى يُماط عن الطريق نوع من أنواع الصدقات.
  • تعدل بين الاثنين صدقة يعني تُصلح بين الناس في خصوماتهم بالعدل.
  • وتُعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة.
  • ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه صدقة, وما سُرق منه صدقة, ولا يزرؤه -يعني: ينقصه- أحد إلا كان له صدقة.
  • يعين ذا الحاجة الملهوف نوع من الصدقة.
  • بصرك لردىء البصر، إرشادك الرجل في أرض الضلالة، إفراغك من دلوك في دلو أخيك… إلخ.

مع الأخذ في الاعتبار ظروف البيئة التي قيل فيها هذا الكلام، والمناسبة التي استدعته.

2: روح الفأس

وهي التي تشير لأن يعتمد كل منا علي نفسه قدر استطاعته وألا يجعل من الوساطة أو المعارف مُسوّغ نجاحه ولا يستحيي من أي عمل مباح مهما كان بسيطا، فإن البطالة شر منه.

وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم لرمزية الفأس حين أوصى الرجل الذي أراد صدقة بأن يبيع ما يملك ويشتري فأسًا ويذهب ليحتطب حتي يعمل ولا يكون عالة علي الآخرين.

3: روح السفينة

وهي التي تقتضي منا ألا يُفكر  أحدُنا بمنطق أنه يستطيع أن ينجو بمفرده, وأن يترك الآخرين  ليخرقوا قاع السفينة خرقًا غير آبهين بالصالح العام، فهي مركب واحد لنا جميعا, يجب أن لا نسمح لأحد بأن يختطفها، أو يخرقها، أو يقفز منها؛ فحين تشرق الشمس فستشرق علي الجميع, وإن غرقت فسيهلك كل من فيها، كما يعبر الرافعي: أصغر خرق؛ يساوي أوسع قبر.

4: روح الفسيلة

وهي التي أُمرنا بزراعتها حتي ولو كانت القيامة بعد ساعة, فمسؤلية الإصلاح المجتمعي دائمة, والرغبة في النفع العام مستمرة, حتي ولو لم نر عوائد ذلك في حياتنا.

5: روح الثّغْر

وتعني أن كلاً منا علي ثغر من ثغور الإصلاح، كلٌ في موقعه ومجاله, وكلٌ مطالب بالاجتهاد والتفكر فيما يلي:

  • كيف يصلح ما هو عليه، قبل أن يفكر في إصلاح ماهو بعيد عن دائرة تأثيره؟
  • كيف يؤدي تقصيره في مجاله وتخصصه إلي تسلل الأعداء من قِبله؟

أقم نفسك حيث أقامك الله, بأن تجعل لنفسك أجندة إصلاح, بمعنى: اُكتب فيها ماتراه خطأ, واقتراحاتك لكيفية الإصلاح, وناقشها مع من تتخير من الزملاء، وارفعها لمن هم أعلي منك في السلم الوظيفي, أو هي لك حين تترقي إلي موقع المسؤلية.

6: روح الثوب

وهي تعني ضرورة المشاركة ونبذ الإقصاء أو التهميش عند تحمل الأعباء، والرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- ضرب لنا مثالا واضحًا لذلك حينما بسط ثوبه، ووضع عليه الحجر الأسود، وحمل كل زعيم من القبائل المتنازعة طرفًا.

وتشتد الحاجة إلي هذا الفهم إذا تكاثرت الأزمات, وعظمت التحديات, بحيث  يعجز أي فصيل مهما بلغت قوته أن يصمد لها منفردًا.

7: روح حلف الفضول

وهي تؤكد علي استدعاء كل القادرين إلي ساحات العطاء، حتي لو اختلفت عقائدهم ومذاهبهم.

إن أي بلد لا يستطيع أن يحتمل طويلا استمرار الحروب الأهلية الباردة الدائرة على أراضيه بين قبائله السياسية، واستدعاء صيغة حلف الفضول تخرجنا من هذا المأزق الكبير.

تتحدث كتب السيرة عن أنه قبل عشرين سنة من ظهور الإسلام عقد وجهاء قريش حلفا فيما بينهم، تعهَّدوا فيه بألا يجدوا بمكة مظلومًا إلا قاموا معه على من  ظلمه حتي تُرد عليه مظلمته، وقد وصفه ابن كثير بأنه أكرم حلف سُمع به، وأشرفه في العرب،وقال عنه النبي عليه الصلاة والسلام: “لو دُعيت إليه في الإسلام لأجبت”.

8: روح الحصن

والتي تمنع احتكار الحديث باسم الدين, وأن تكون مُفوضا من الله -دون سواك- لإعلاء كلمته, وإنفاذ إرادته، هذا التفويض الإلهي الكاذب؛ سيدفعك إلى التعالي عن الآخرين, واحتقارهم والاعتداء علي حقوقهم، لأنك عندما تشعر أنك مفوَّضا من الله؛ لن تقبل من الآخرين أن ينتقدوا تصرفاتك أو يحاسبوك، ولن تحترم مخالفيك, ولن تعترف بحقوقهم، ستُحس أنك دائما علي حق؛ بينما كل معارضيك عملاء أو إباحيون, أو جهلة أو سطحيون، لن يكون بإمكانك أن تري الواقع بطريقة صحيحة, ستعيش في عالم افتراضي ثابت مغلق, سوف تنكر الحقيقة مهما كانت ساطعة, وسوف تتعامل بعدوانية شديدة مع كل من يشكك في عالمك الافتراضي, وتصب عليه أقذر الشتائم, وتلصق به شتي التهم، لأنه شكك في أشياء تعتبرها مُسلَّمات, وهي ليست كذلك، لأنك خلطت بين ما هو وحي معصوم وما هو اجتهاد بشري يُصيب ويخطئ وقرنت بينك وبين الإسلام، وجعلت من نفسك الممثل الشرعي له, والمتحدث الحَصْري باسمه، والرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- حذر من ذلك حين أوصي بعض قادته بقوله “وإذا حاصرت أهل حِصن, فأرادوا أن تُنزلهم علي حكم الله ورسوله فلا تفعل، ولكن أنزلهم علي حكمك وحكم أصحابك، فإنك لا تدري! أتُصيب فيهم حكم الله ورسوله أم لا”.

إن التحديات التي تواجه أمتنا كثيرة, وروح الإصلاح هي أعظم ما نحتاجه الآن, فلنستثمرها، ونضبط إيقاعها بالمعاني المستقاة من الرموز الثمانية السابقة .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Back To Top