ضروريات المرحلة (1)
ضروريات المرحلة
رسم فنان لوحة جميلة، فلما أعجبته أراد أن يتحدى بها، فعلّقها -أول النهار- في مكان عام، وكتب تحتها: إذا رأيت خطأ؛ فضع حوله دائرة حمراء!
فلما عاد – آخر النهار – صُدم لما رأى اللوحة مطموسة تمامًا، من كثرة الدوائر الحمراء، عاد إلى أستاذه -مُحبَطًا- يشكو له، فاقترح الأستاذ عليه أن يكرر التجربة، مع تعديل صغير، وهو أن يكتب تحت اللوحة: من رأى منكم خطأ، فليأخذ الريشة وليُصلحه! فلم يقترب من اللوحة أحد.
هذا هو المغزى:
كثيرون هم من يرون الأخطاء، ولكن المصلحين نادرون، أغلبنا يرصد التجاوزات، ويعشق النَقْد، وأقل القليل هو من يقدم الحلول، ويضُحّي لها.
الاكتفاءُ بوصفِ الواقع ليس من التوفيق في شيء.
فالرجل الذي قصت حكايته لنا سورة القصص، لم يكتف بوصف الواقع السيء والمصير المُؤلم الذي ينتظر موسى عليه السلام، بل وصف له حلَّاً ومخرجًا، {وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين}.
كما قيل: لا تصفْ لي مرارة ما أرى, وصف لي مخرجًا منه، وأيضًا: أوقد شمعة بدلًا من لعن الظلام، ومثله قول الشاعر:
لا تقل لشيءٍ ذا ناقص إيت بأوفى, وقُل: ذا أكمل
إذا لم يفهم ذلك الجميع، ويكفوا عن الكلام، وينصرفوا إلي الأعمال الجادة، فإن بلدنا مُهددة!
أمامنا معارك حاسمة؛ لابد وأن ننتصر فيها، لا لنتقدم؛ بل لنظل علي قيد الحياة، ولابد لمن يخوض هذه المعارك أن يتسلَّح بما يُعينه علي أداء مهمته، وهي الروح المستقاة من ثمانية رموز مُقتبسة من أحاديث نبوية شريفة، واجبنا اليوم أن نجعلها قائدنا في معاركنا التي سنواجهها، هذه الرموز هي:
(التمرة, الفأس, السفينة, الفسيلة, الثغر, حلف الفُضول, الحصن)
هذه الرموز الثمانية، هي ما سنتناولها في المقال القادم بإذن الله تعالى، فتابعونا.