مؤسس الجمعية الشرعية بالمحلة (في سطور)
يُعدُّ الدكتور سعيد (كما كان مشتهراً بين الناس بذلك الاسم)، الذي كان يعمل كطبيب أسنان؛ مؤسِّس الجمعية الشرعية بالمحلة الكبرى.
وُلد الدكتور بالمحلة الكبرى في العاشر من شهر يناير لعام 1910م، وكان قد نشأ -رحمه الله- في بيئة أرستقراطية موسرة، فهو من أعيان المحلة الكبرى، و لكنه لم يستسلم لحياة الدعة والرفاهية، وزمَّ نفسه بخطام الكتاب والسنة، بعدما تربى على يد الشيخ/ محمد عيسى -رحمه الله-.
نَذَرَ الدكتور نفسه وماله من أجل نشر السنة، و العمل ليلاً نهاراً في سبيل ذلك، حتى عرف منذ الخمسينات في شوارع المحلة بمظهره المميز: ثيابه البيضاء، وعمامته، ولحيته الكثة.
وكما اشتُهر الشيخ بسمته ومظهره، كذلك اشتُهر بحسن عبادته وصلاته، فعُرف عنه إطالة الصلاة، وإعطاؤها حقها من التجويد والإتقان، حتى قال عنه أ/ أبو الحسن الندوي في كتابه (سياحات في الشرق): “قابلت صاحب أطول صلاة في العالم”!
كذلك كان -رحمه الله- قدوةً لمن حوله في الجهاد بالنفس، كما علمهم الجهاد بالمال، فشارك في حرب (1948)، وأُصيب على أرض فلسطين برصاص اليهود في فخذه، وظلت إصابته معه حتى وفاته، وسافر كذلك إلى أفغانستان طمعاً في الانضمام إلى صفوف المجاهدين من الأفغان في قتالهم ضد الملاحدة.
وإسهاماً منه في محاولة تغيير واقعه، وإصلاح مجتمعه، وتماشياً مع الطريقة السائدة للإصلاح في وقته؛ دخل الدكتور مجلس الشعب عام (1987م) في انتخابات مشهورة، و كان أول من أذَّن بمجلس الشعب أمام الرئيس (السادات)، ونادى بتطبيق الشريعة الإسلامية.
ومع هذه الانشغالات؛ لم تخلُ اهتمامات الشيخ من تحسين الناحية التعليمية في مجتمعه المحلي، فأسهم بدور كبير في إنشاء ست حَضَانات، ومدرسة ابتدائية، وأخرى إعدادية، وكان كثيراً ما يدعو الشباب إلى التفوق في الدراسة، ويحثهم على الحصول على أعلى التقديرات.
على صعيد التواصل العلمي: كان للدكتور -رحمه الله- علاقةٌ جيدة بكل علماء عصره؛ مثل: الإمام الأكبر فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر، الشيخ عز الدين فريد، الشيخ محمود فايد، الشيخ عبداللطيف مشتهري، الشيخ طه عفيفي، الدكتور عيسى عبده، وغيرهم، وكان الدكتور يستضيفهم لإلقاء محاضرات جماهيرية في الحديقة المواجهة لمجلس المدينة بشارع البحر.
وإسهاماً منه في تنشيط الجانب الدعوي: أنشأ الدكتور عدداً كبيراً من الدعاة يجوبون مساجد الجمعية الشرعية بالمحلة و خارجها، وألزمهم بالسمت الحسن، والزي الشرعي؛ فكانوا كالشامة بين الناس.
بعد هذا العطاء المتواصل، والسعي الدؤوب؛ أسلم الدكتور الروح إلى بارئها، وغادر دنيانا بجسده، بعد أن ترك أعمالاً تُخلِّد سيرته وذكراه، فكان رحيله فجر يوم الاثنين، الرابع عشر من شهر ذي الحجة، لعام 1412هـ، الموافق الرابع عشر من شهر يونيو 1992م.
رحمك الله شيخنا الحبيب